- هل تقضي ساعات طويلة من يومك وأنت تلتقط لنفسك صوراً في كل الأماكن التي تكون فيها, وفي كل الوضعيات والظروف حتى تحصل على صورة سيلفي مثالية ؟
- هل تشعر بالرضا عن ذاتك بعد نشر صورة سيلفي ومشاركتها مع الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي؟
- هل تشعر بالنشوة من التعليقات والإعجابات
التي توضع على صورتك التي شاركتها؟
إذا كانت كل الإجابات السابقة نعم.. فانتبه قد تكون مصاباً بحمّى السيلفي أو هوس السيلفي!
قد تقول لنفسك "أنا أفعل ذلك بهدف
المتعة فقط ومشاركة اللحظات السعيدة مع الآخرين وإخبارهم أين أنا ومع من أنا وماذا
أفعل" حسناً هذا امر عادي إذا كنت تفعل ذلك ضمن الحد الطبيعي.. بالمقابل قد يكون الأمر أخطر من ذلك وتكون هذه الممارسة هي طريقة لكسب الاحترام
والثقة بالنفس ودلالة على وجود اكتئاب أو تدني احترام الذات أو نرجسية أو اضطرابات شخصية أخرى..
تعرف معنا في مقال اليوم على الأسباب
الفيزيولوجية والنفسية لهذه الظاهرة وكيف تتغلب عليها.
ظاهرة الصور الذاتية "أو ما بات
يعرف اليوم بصور السيلفي" هي الصور
التي يلتقطها الأشخاص لأنفسهم باستخدام هاتف ذكي أو كاميرا ويب, ويقومون بمشاركتها
على وسائل التواصل الاجتماعي.
انتشرت هذه الظاهرة اليوم بشكل مفرط وبات ملايين الأشخاص يومياً ينشرون صورهم
الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي مثل Facebook و Instagram
و Twitter وغيرها..
ولكن التقاط الصور الذاتية ليس مفهومًا جديداً،
بل كانت
هناك تجارب سابقة لها عبر التاريخ. لعل أولها
كانت للرسام الإيطالي بارميجانينو الذي رسم صورة شخصية لانعكاس صورته على مرآة
محدبة عام 1524 وقد
رسمها آنذاك على قاعدة خشبية محدبة لتكون صورة طبق الأصل عن انعكاس المرآة.
كما التقط المصور الفوتوغرافي الأمريكي روبرت كورنيليوس صورة ذاتية عام 1839 بآلة التصوير الخاصة به.
وفي عام 1900 عرضت شركة كوداك صورة ذاتية لامرأة تقف أمام المرآة
وتلتقط صورة لنفسها باستخدام آلة التصوير الصندوقية "كوداك
براوني".
وكانت الدوقة الروسية الكبرى أناستازيا نيكولاييفنا من أوائل المراهقين الذين
التقطوا صورة ذاتية لنفسها باستخدام مرآة إذ
التقطت لنفسها صورة وهي بعمر الثالثة عشر لإرسالها إلى أحد أصدقائها وذلك عام 1914
وكتبت عليها "لقد التقطت هذه الصورة
لنفسي وأنا أنظر إلى المرآة, لقد كان الأمر صعباً للغاية وكانت يداي ترتجفان"
كانت تلك الصورة الذاتية في حينها غاية في الجديّة والصرامة، وخالية
من روح الدعابة والمرح الذي تشهده صور السيلفي في أيامنا الحالية..
بعدها لعب انتشار الهواتف الذكية ذات الكاميرات الأمامية دوراً هاماً في حدوث ظاهرة السيلفي, كما أن ظهور تطبيقات الصور المحمولة التي تضيف فلاتر على الصور لتجعل الأشخاص أكثر جمالاً وبهجة مثل Instagram وSnapchat زاد من انتشارها بالشكل المفرط الذي نراه اليوم، حتى بات الجميع يلتقط صور سيلفي.. المراهقون ولا سيما الإناث والممثلون ورواد الفضاء بل حتى الحيوانات أقحمت نفسها هي الأخيرة في صور السيلفي.
وفي نهاية عام 2012 اعتبرت مجلة تايم صورة السيلفي واحدة من الكلمات "العشرة الأوائل" الأكثر انتشاراً في ذلك العام. وبحلول عام 2013 تم تضمين كلمة selfie في قاموس أوكسفورد الإنجليزي الذي أعلن أنها "كلمة العام".
لكن البعض أسرف في استخدام هذا الأسلوب في
التصوير بطريقة قد تؤثر على صحته وحالته الذهنية،
فتراه لا يراعي الظروف التي يتم فيها التقاط الصورة ولا قواعد
السلامة الشخصية مقابل التقاط صورة سيلفي مميزة..
فكم سمعنا عن صور سيلفي أودت بحياة أشخاص نتيجة
لحوادث مرورية أو سقوط خطير.. وكم اندهشنا
من أشخاص أخذت صور سيلفي
مع جثة متوفية أو مع شخص متعرض لحادث خطير دون مراعاة للظرف الإنساني الذي يجب أن
يراعى في مثل هكذا حالات!!
والسؤال المطروح هو ما الذي يحفز الناس
على هذا السلوك؟ وما الأسباب النفسية الكامنة وراءه؟
سنجيب على هذا السؤال من خلال بحث
أكاديمي بعنوان "نظرة ثاقبة على الدافع وراء منشورات الصور الشخصية: إدارة
الانطباعات واحترام الذات" لمجموعة
الزمرد للنشر Emerald Group Publishing
يهدف هذا البحث لفهم الجانب النفسي
للصور الذاتية, ويشير إلى أن الظاهرة المتنامية لالتقاط صور السيلفي وقضاء الكثير
من الوقت لالتقاطها ونشرها ناتج عن تحفيز
جيل المراهقين (الإناث خصوصاً) لإدارة انطباعات الآخرين عنهم فهم يقومون بنشر
صورهم بهدف تحسين سمعتهم وتكوين انطباع جميل عنهم من قبل. تشير "إدارة
الانطباع" إلى العملية الواعية أو اللاواعية
التي نقوم بها للتأثير والسيطرة على تصورات الآخرين حول شخص أو شيء أو حدث
ما, يمكن للناس تكوين انطباعات عن سماتهم الشخصية وعن مواقفهم ووضعهم وحالتهم
الجسدية واهتماماتهم.
لذا تستخدم المراهقات بصفة خاصة صور
السيلفي بشكل مفرط, لتصوير صورة معينة على
أنها انعكاس لحياتهن -حتى لو لم تكن تلك الصورة حقيقية- ويسعين لإظهار ذواتهن
المثالية على وسائل التواصل الاجتماعي لجعل الآخرين يكوّنون انطباعات أكثر إيجابية
عنهن بعض النظر عن مدى دقتها وصدقها..
ويشير البحث إلى أن هناك ثلاثة أسباب تجعل
المراهقات أكثر فئة تقوم بنشر صور سيلفي:
- أولاً لنقل السعادة: تحب المراهقات نشر صور سيلفي كوسيلة لتوثيق ونشر اللحظات السعيدة، والتي يمكن أن تكون بمثابة انعكاس لحياتهن. فهن لا ينشرن صور سيلفي عندما يكن حزينات أو منزعجات وينشرن الصور التي تعرض فقط أفضل جوانب حياتهن. غالباً ما تعكس صور السيلفي كيف تود النساء أن يُنظر إليهن من خلال نشر صور شخصية تدل على السعادة.
- ثانياً لإظهار الجمال: فهن غالباً ينشرن صورهن عندما يَكُنَّ بكامل أناقتهن وزينتهن ليبدون جذابات وجميلات بعيون الآخرين.
- ثالثاً لتعزيز احترام الذات: فتقدير الذات قد يكون دافعاً لنشر الصور الشخصية. فالعدد الكبير من "الإعجابات" يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على تقدير الشخص لذاته وبالمقابل عدم وجود "الإعجابات" قد يؤثر سلباً عليه. وغالباً ما يعاني هذا النوع من الأشخاص من مفهوم "الذات الزجاجية" وهو مفهوم نفسي يفيد بأننا نطور إحساسنا بالذات من خلال تصورات الآخرين عنا.
كيف عززت صور السيلفي ظاهرة النرجسية؟
إن التكنولوجيا الرقمية التي سمحت للناس بالتقاط الصور وحذفها في أي
مكان وفي أي وقت ومشاركتها بشكل سريع مع الآخرين ساهمت في تصاعد ظاهرة السيلفي.
هذه الظاهرة التي دخلت على الثقافة الاجتماعية ومنحت الناس فرصة الإشباع الفوري
لذواتهم من خلال الحصول على ردود فعل إيجابية ومشاركات وإعجابات. لكنها في ذات
الوقت زادت من ظاهرة النرجسية لديهم ودفعتهم للاهتمام المفرط بالنفس وبالمظهر
الجسدي الخارجي. كما اعتبرت الجمعية
الأمريكية للطب النفسي أن فعل التقاط صورة سيلفي هو اضطراب عقلي وأطلقت عليه اسم اضطراب
السيلفي وعرّفته بأنه الرغبة الوسواسية القهرية لدى الشخص لالتقاط صورة
لنفسه ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
يصنف اضطراب السيلفي وفق ثلاث مستويات:
- ضمن الحد الطبيعي : إذا كان الشخص يلتقط الصور لنفسه على
الأكثر 3 مرات في اليوم ولكنه لا يشاركها بالضرورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
- حاد: إذا كان الشخص يلتقط الصور لنفسه على الأقل 3 مرات في اليوم وينشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
- مزمن: إذا كان الشخص يلتقط الصور لنفسه 6 مرات على الأقل في اليوم وينشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ما هو العلاج؟
في الوقت الحالي لا يوجد علاج لهذا الاضطراب إلا من خلال العلاج السلوكي المعرفي, ومحاولة الاعتدال في التقاط الصور والحد من مشاركتها مع الآخرين. وفي حال التقطت صورة لنفسك فلا تقم بنشرها فور التقاطها -على الأقل لفترة قصيرة- بل احتفظ بها على هاتفك. وفي حال أحسست برغبة في مشاركتها أرسلها فقط إلى أكثر صديق مقرب إليك.
By:eng.Ola Saleh
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق