أعمل من منزلي في مجال كتابة المحتوى من أكثر من خمس سنوات وللأسف كنت كثيرًا ما أنسى نفسي وأفرط في في العمل حتى أصل لمرحلة من الإجهاد تؤثر سلبًا على صحتي العقلية والجسدية وقررت بعدها أن أغير طريقة عملي وأعطي لنفسي الحق في الراحة المنتظمة.
فأخذ الاستراحات لاسيما للأشخاص الذين يعملون من بيوتهم يمكن أن يساعد في العمل بشكل أكثر كفاءة وإنجاز المزيد في وقت أقل لاسيما إن كانت طبيعة عملنا تتطلب الكثير من الجهد والجلوس أمام أجهزة الحاسوب لساعات طويلة، لأننا حين نضغط على أنفسنا للعمل لساعات طويلة دون أخذ استراحات سنقلل إنتاجيتنا لا العكس لأننا سنتعب عقولنا وأجسادنا فيصعب علينا التركيز وننسى الكثير من التفاصيل ونعجز عن ابتكار أفكار جديدة وقد نرتكب الكثير من الأخطاء دون أن ندرك... إذا بدأت تقوم بذلك في عملك فهذا جرس إنذار لك لتستريح وتستمتع قليلًا.
ناهيك عن أن الإجهاد في العمل قد يتسبب لك في عدة مشكلات صحية جسدية كالصداع وألم العضلات والأرق والتوتر والاكتئاب وغيرها من المشكلات التي يمكن تفاديها إذا التزمت بأخذ استراحات منتظمة لتحسين إنتاجيتك على المدى الطويل.
فوائد أخذ استراحات متقطعة خلال فترات العمل
إذا كان يوم عملك طويلًا وكنت تجلس وراء مكتبك لساعات، جرب أخذ استراحات قصيرة وسريعة على طول يوم العمل لتتناول فيها وجبة خفيفة أو تتمشى قليلًا فالجلوس لفترات طويلة يتسبب في الإجهاد ويخفض مستويات السكر في الدم وينهي طاقتك مع نهاية اليوم مما يجهد عقلك ويفقدك القدرة على التركيز بينما يساعدك أخذ استراحات قصيرة، ولو لبضع دقائق فقط في إعادة شحن طاقتك والعودة إلى العمل بحماسة ويقظة أكبر.
كما أن فترات الاستراحة تحسن إنتاجيتك بشكل عام. فعندما نبتعد عن ضغط العمل قليلًا ستعطي نفسك فرصة للراحة وإعادة الشحن وتساعدها على زيادة الإبداع، وتحسين مهارات حل المشكلات، واتخاذ قرارات أفضل.
كيف تنظم يوم عملك بحيث يتضمن فترات راحة منتظمة
من الأمور المساعدة تنظيم يوم العمل لتضمين فترات استراحة منتظمة، قد يكون الأمر صعبًا عليك إذا كان لديك عدة أعمال ومشاريع تعمل عليها وكنت ملتزمًا بمواعيد نهائية لتسليمها. ولكن يمكنك بقليل من التخطيط والانضباط أخذ فترات راحة في خضم يوم عملك المكتظ دون التأثير على إنتاجية و جودة العمل.
ومن أبرز الاستراتيجيات الفعالة لذلك هي تقنية الطماطم أو بومودورو Pomodoro بالإيطالية ، والتي تتضمن العمل لفترة محددة (عادة 25 دقيقة) ثم أخذ استراحة قصيرة (عادة 5 دقائق) وبعد أربع فترات بومودورو، خذ استراحة أطول (عادة 15-20 دقيقة).
تساعدك هذه التقنية على الحفاظ على التركيز خلال فترات العمل وتوفر لك دمج أوقات الراحة مع عملك وإعادة الشحن.
كما يمكنك جدولة الاستراحات في تقويمك أو قائمة مهامك اليومية. على سبيل المثال، يمكنك تحديد 10 دقائق في الصباح وبعد الظهر للاسترخاء، أو جدولة استراحة الغداء في نفس الوقت كل يوم. واعتبر الاستراحة موعدًا مهمًا كموعد العمل تمامًا وعليك أن تلتزم بها في جدولك كبقية الأعمال المهمة تمامًا.
هناك نقطة أخرى أود أن أشيرك لها وكثيرًا ما كنت أقع فيها شخصيًا وهي أن تكون واقعيًا بشأن إمكانياتك وتضع أهدافًا واقعية قابلة للتحقيق ولا تلزم نفسك بإنجاز عمل يفوق طاقتك. فإذا كان لديك الكثير من العمل للقيام به، حاول تقسيمه إلى أجزاء قابلة للإدارة وتضمين استراحات بين كل مهمة وأخرى وإذا كنت تشعر بالإرهاق أو التوتر بعد كل مهمة، خذ خطوة إلى الوراء وأعد تقسيم المهمة لمهام أبسط وتذكر من جديد أن أخذ الاستراحات ليس ترفاً، بل ضرورة للحفاظ إنتاجيتك وصحتك البدنية والعقلية.
أهمية الرياضة والنشاط البدني لتعزيز التركيز
تفيدك الأنشطة الرياضية والحركية بشكل كبير على استعادة طاقتك وتعزيز إبداعك وتركيزك. فعندما نجلس لفترات طويلة دون حركة على مكتبك وأمام شاشة حاسوبك، سيتضاءل تدفق الدم إلى دماغك ونشعر بالتعب وانخفاض قدراتك العقلية جرب في هذه الحالة أن تقوم عن مكتبك وتمارس بعض الرياضة وبمجرد تحريك جسدك سيبدأ الدم بالتدفق ويزود دماغك بالأكسجين وستشعر بتحسن مباشر في مستوى تركيزك.
كما أن المحافظة على ممارسة الرياضة يحسن من مزاجك ويرفع مستويات الطاقة ويطلق مادة الإندورفين، التي يمكن أن تعزز المزاج وتكسر رتابة جلوسط الطويل المرهق أمام الشاشات طوال اليوم.
أهمية أخذ استراحات طويلة للصحة العقلية والعاطفية
كثيرًا ما نتعرض للتوتر والضغط والشعور بالوحدة والعزلة خلال عملنا الطويل من المنزل، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة العقلية والعاطفية بمرور الوقت. لذا من المفيد بين فترة وأخرى أخذ استراحات طويلة وإعطاء أنفسنا الوقت والمساحة اللازمين لإعادة شحن طافتنا واستعادة مخزوننا العقلي والعاطفي.
قد تكون الاستراحة الطويلة إجازة لمدة أسبوع أو عدة أيام تنسى فيها كل ما يخص العمل وتسمح لنفسك بالراحة وكسر الروتين وتقضي الوقت مع عائلتك وأصدقائك، أو تمارس هواية تحبها أو حتى لا تقوم بأي شيء على الإطلاق فمن خلال الابتعاد عن جو العمل، يمكنك اكتساب رؤى جديدة ووجهات نظر جديدة لتعود بعدها بطاقة أكبر وتركيز متجدد.
كيف تريح ذهنك من التفكير في العمل
نحن نعيش في زمن متسارع الوتيرة في كل جوانبه وقد يصعب علينا الانفصال والتوقف عن العمل حتى خلال وقت الاستراحات والإجازات ومع ذلك، من الضروري الاستفادة القصوى من وقت الاستراحة من خلال الانخراط في أنشطة تعزز الاسترخاء والتجديد. إليك بعض النصائح المساعدة للانفصال والتوقف عن العمل خلال وقت الاستراحة:
- وضع الحدود: من أكثر الطرق فعالية للانفصال خلال وقت الاستراحة هو تحديد حدود واضحة حول العمل. يتضمن ذلك إيقاف الإشعارات وتجنب التحقق من البريد الإلكتروني أو الرسائل المتعلقة بالعمل خلال وقت الاستراحة.
- تقنيات تعزيز الانتباه: يمكن أن تساعد تقنيات تعزيز الانتباه، مثل التأمل أو التنفس العميق، على الاسترخاء وتنقية العقل خلال وقت الاستراحة وإعادة الشحن والتركيز.
- الالتزام بنشاط البدني: يمكن أن يساعدك التسجيل في نادي رياضي أيام الإجازة أو ممارسة نشاط بدني أيًا كان كالمشي أو السباحة كل يوم عطلة ويعزز بشكل كبير إيجابي من قدرتك على الإبداع والتركيز.
- ممارسة هواية تحبها: التزم أيام الإجازات بمتابعة هواية تحبها أو قراءة كتاب عن أمر لا يخص مجال عملك أو دراستك أو ربما الزارعة والعناية بالنباتات إن كنت تحبها المهم أن تلتزم بأي نشاط يجلب لك السعادة ويعيد شحن طاقتك.
- التواصل مع الآخرين:يمكن أن يكون وقت الاستراحة فرصة مثالية للتواصل مع الآخرين. سواء كان ذلك الدردشة مع صديق مقرب، أو الاتصال بأحد الوالدين والسؤال عن أحوالهما، أو قضاء وقت ممتع مع أفراد عائلتك.
توقف عن الشعور بالذنب خلال الاستراحات
كثيرًا ما يراودنا شعورأن الإنجاز أهم من الاستراحة ونرى أن الاستمتاع قليلًا والاهتمام بأنفسنا أمر ثانوي وربما نشعر بالذنب خلال فترات راحتنا وأيام العطل التي نعطيعها لأنفسنا خاصة إذا كان لدينا عبء عمل ثقيل أو مواعيد نهائية محدودة لتسليم العمل.
إليك بعض الاستراتيجيات للتعامل مع الشعور بالذنب أو الضغط للعمل خلال الاستراحات:
- تذكر فوائد أخذ الاستراحة فعندما تشعر بالذنب أو الضغط للعمل خلال استراحة، ذكر نفسك بفوائد أخذ الاستراحات. يمكن أن تساعدك الاستراحات على الحفاظ على تركيزك وإنتاجيتك على المدى الطويل.
- ضع جدولًا واقعيًا يتضمن أوقات استراحة منتظمة. فمن خلال التخطيط لأوقات الاستراحة، يمكنك تقليل الشعور بالذنب أو يقلل إحساسك بضرورة العمل خلال فترة راحتك.
- كن لطيفًا مع نفسك فإذا شعرت بالذنب أو الضغط للعمل خلال فترة الراحة تذكر أن لنفسك عليك حقًا وأن أخذ الاستراحات هو حق ضروري عليك أن تمنحه لنفسك ويمكن أن يساعدك على الحفاظ على صحتك وإنتاجيتك على المدى الطويل.
- أعد تقييم أولوياتك فإذا كنت تشعر بالضغط للعمل خلال استراحة، خذ خطوة إلى الوراء وأعد تقييم أولوياتك. اسأل نفسك ما إذا كانت المهام التي تشعر بالضغط لإنجازها مستعجلة حقًا أم أن بإمكانها الانتظار حتى تعود من استراحتك.
ختامًا
تذكر أن أخذ الاستراحات ليس ترفًا، بل هو ضرورة للحفاظ على صحتك العقلية والجسدية. واحرص على تضمين الاستراحات في جدولك اليومي، فهذا من شأنه تحسين إنتاجيتك وجودة عملك والتمتع بحياة أكثر توازنًا وسعادة.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق